صدقة جارية

هل رغبت يومًا في أنْ تكسب الثواب وتقوم بمساعدة المحتاجين والفقراء باستمرار؟ يمكنك ذلك عن طريق الصدقة الجارية، لكن ما هي الصدقة الجارية؟

تخيل أنك قمتَ باستثمار أموالك في مشروع يدرّ عليك دخلا بشكل مستمر، ليكون استثمارك في رأس المال مرة واحدة، لكن الدخل يستمر طالما بقي هذا المشروع مستمراً، هذا بالضبط ما يحدث في الصدقة الجارية، حيث تستثمر جزءًا من أموالك في أمور نافعة تنفع الناس وتكون رصيدا من الحسنات لك تنتفع به بالأجر والثواب الذي تحصل عليه من الله.

وهنا تكمُن أهمية الصدقة الجارية، حيث تمكّنك من تقديم مساعدة طويلة الأجل للمحتاجين، وطالما استمرّتْ الاستفادة، سيستمر الأجر والثواب، كما تزداد قيمة هذه الصدقة بمرور الوقت.

الصدقة والزكاة من الأمور التي شرعها الله والتي يكون بها التكافل الاجتماعي بين الناس، وبسببها يكون تأمين حياة كريمة وملائمة للفقراء والمحتاجين. وللصدقة أنواع، منها الصدقة الجارية،

تعريف الصدقة الجارية

الصدقة الجارية هي الصدقة التي يستمر ثوابها حتى بعد الموت وهو ما يسعى له الكثير من الناس بإقامة مشروع صدقة جارية حتى تكون شفيعة لهم عند الله، وتكون في ميزان حسناتهم، ويستمر ثوابها لهم بعد الموت.

وقد أكد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على فضل الصدقة الجارية في السنة النبوية الشريفة فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوله). وهناك أوجه كثيرة وأنواع متعددة للصدقة الجارية والتي سنتناولها تفصيلا فيهذا المقال.

‍ما هي أنواع الصدقة الجارية؟

لا يوجد نوع محدد للصدقة الجارية، فكل ما أثره مستمر ونافع ومفيد للناس يعتبر صدقة جارية ولكن هناك أبواب كثيرة يطرقها الناس للتقرب إلى الله عن طريق الصدقة الجارية فمنها:

زرع الأشجار، وإنشاء وصلات مياه، وبناء المساجد، أو طباعة المصاحف الشريفة وتوزيعها ابتغاء مرضات الله.

أفضل أنواع الصدقة الجارية

• صدقة سقي المياه
• بناء المساجد
• وصلات المياه وحفر الآبار

أفكار للصدقة الجارية

سقيا الماء

يعتبر سقيا الماء من أحب أنواع الصدقة الجارية عند الله، وهو الصدقة الأفضل التي حثنا عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فعن سعد بن عبادة قال: قلت: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: (سقي ‌الماء)[ابن ماجه]

ويعتبر سَقْي الماء أعظم استثمار يمكن للمؤمن أن يقوم به، حيث يدوم أجره إلى ما بعد الممات، فالماء هو شريان الحياة وأهم مواردها وسقيا الماء طريق لمغفرة الذنوب والخطايا مهما عظمت ولا بدّ أن نهتم بهذا النوع من الصدقات بسبب فضله العظيم وثوابه الكبير عند الله عز وجل.

‍

مصاحف صدقة جارية

تعتبر طباعة المصاحف وتوزيعها من الصدقات الجارية والتي لها فضل وثواب كبير للعباد فقد ذكرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث النبوية الشريفة.

أخرج ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

(إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه بعد موته)

الكلمة الطيبة صدقة

الصدقة ليست قاصرة على المال فقط ولا قاصرة على الأغنياء وحدهم، فالقرب من الله لا يشترط فيه أن تكون ممن يملكون المال، وإنما يستطيع الإنسان أن يتقرب إلى الله بما هو في حدود قدرته.

لذلك تعتبر الكلمة الطيبة من أبسط هذه العبادات ولكن فضلها عظيم عند الله تعالى.

وقد حثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم - عليها، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والكلمة الطيبة صدقة).

الكلمة الطيبة هي حياة القلب وروح العمل الصالح، فهي التي تستقبل صاحبها بتشريفه على أبواب الجنة والتى يجب أن يتحلى بها المرء المسلم ويغتنم ثوابها الكبير.

‍

أنواع الصدقات الجارية للميت

هناك أنواع متعددة من الصدقة الجارية التي يستمر ثوابها بعد الموت.

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

(سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علما؛ أو كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته).

وكل منا في أمس الحاجة إلى ثواب هذه الأعمال والتي نسأل الله العظيم أن يجعلها في ميزان حسنات من فقدناهم ويتقبل منا.

هل يجوز عمل صدقة جارية باسم شخص آخر؟

يجوز للمرء المسلم أن يتصدق عن والديه أو أقربائه سواء كانوا على قيد الحياة أو رحلوا عنا فإنها من أسمى الأعمال التي لها فضل كبير لصاحبها،

وتعتبر الصدقة الجارية عن الوالدين من وجوه البر بهم والتي لابد من الحرص عليها من أجل إيصال الخير إليهم، ومن أعظم الخير إيصال ما فيه ثواب عند الله في الآخرة إليهما، ومن ذلك الصدقة.

‍

من يجب عليه إخراج الصدقة الجارية؟

لا يجب على المسلم إخراج الصدقة، لكن يُستحبّ له ذلك؛ لأهميتها البالغة في استقرار المجتمع، وتحقيق مبدأ التكافل، إضافة إلى الثواب العظيم الذي يكافئ الله به المُتصدّقين.

‍